7 خطوات لمناقشة مشكلات العمل مع المدير

تشهد الشركات في الوقت الحالي تصاعداً في ظاهرتي الاستقالة الصامتة والبحث عن فرص العمل في الشركات الأخرى بوصفه رد فعل على المعاناة من الاحتراق الوظيفي وغيرها من المشكلات التي يمكن أن تحدث في مكان العمل، ويقتضي الحل السليم في هذه الحالة مناقشة المشكلات التي يتعرض لها الموظف مع المدير لتسويتها والمضي في العمل.



تعتمد العافية النفسية للموظف في مكان العمل على مدى صراحته وقدرته على مشاركة مشكلاته، وقد كشف تقرير مؤسسة "غالوب" (Gallup’s) "الوضع العالمي لمكان العمل: تقرير عام 2022" (“State of the Global Workplace: 2022 Report) أنَّ "60% من الموظفين غير مندمجين عاطفياً مع بيئة العمل، و19% منهم بؤساء تماماً"؛ إذ توجد عدة أسباب تمنع الموظف من الإفصاح عن المشكلات ضمن العمل، فقد يخشى إغضاب المدير المسؤول عن ترقيته وراتبه، أو التأثير في سمعته بين زملائه.

حاولت إحدى الموظفات في بداية عام 2010 الاعتراض على نظام كشف الرواتب، ولقد تم الرد على طلبها بالرفض واتهمتها الإدارة بأنَّها غير متعاونة، ولا تهتم إلَّا بمصلحتها الشخصية.

كشفت إحدى الدراسات المنشورة في عام 2021: "أنَّ التحفظ عن المشكلات والإفصاح عنها مفهومان مستقلان تماماً عن بعضهما، وأنَّ مستوى الأمان النفسي يتعلق بمدى استعداد الفرد للتعبير عن آرائه وعدم التكتم عنها"؛ إذ لا يطرح الموظف جميع القضايا والمشكلات في مكان العمل، وقد بيَّنت نتائج الدراسة السابقة أنَّ: "الموظف يميل لطرح المشكلات المقبولة، ولكنَّه يتجنب إثارة القضايا التي يمكن أن تسبب بلبلة في مكان العمل".

تقول "ريتو بهاسين" (Ritu Bhasin) رئيسة قسم الموارد البشرية سابقاً، ومستشارة وخبيرة القيادة والتنوع والمساواة والاندماج، ومؤلفة كتاب "نحن نسيطر على الوضع" (We’ve Got This): "يتعرض الموظفون في الوقت الحالي لكثير من الصعوبات؛ بسبب النقلة النوعية في أنظمة العمل والتحول إلى البيئات الافتراضية والهجينة، وصعوبة فصل الحياة الشخصية عن العمل في حالة العمل من المنزل، والضغوطات المالية المرتبطة بجائحة "كوفيد- 19" (COVID-19)، والتراجع الاقتصادي، والممارسات الاجتماعية الجائرة، وغيرها من الأسباب".

لا عجب أنَّ معظم الموظفين يشعرون بالإرهاق ويعانون من اضطرابات النوم؛ إذ تقع على عاتق القادة مهمة توفير بيئة آمنة تتيح للموظف إمكانية الإفصاح عن المشكلات في مكان العمل على حد تعبير "بهاسين"، وهي تنصح القادة "بالانتباه لطريقة تواصلهم مع الموظفين، والحرص على توفير بيئة آمنة تتيح للموظف إمكانية مشاركة آرائه خلال الاجتماعات، وتجنب التحيز أو الانتقام من الموظف الذي يشارك تغذية راجعة سلبية، وإبداء التعاطف خلال النقاشات، والتروي والإصغاء للمشكلات بانتباه".

مناقشة المدير بمشكلات العمل:

لا يستطيع بعض الموظفين اتخاذ قرار الاستقالة ببساطة؛ لأنَّهم يحتاجون إلى إعالة أسرهم، ويخشون البطالة في ظل الاضطراب وعدم الاستقرار الذي يشهده سوق العمل في الوقت الحالي، ولهذا السبب يجب على الموظف أن يختار الوقت المناسب لمناقشة المدير بالمشكلات التي يواجهها في مكان العمل، كما أنَّه يحتاج إلى الإلمام بتقنيات الحوار وتعلُّم السيطرة على حدة النقاش وعدم تصعيده.

فيما يأتي 7 خطوات لمناقشة مشكلات العمل مع المدير:

1. التدريب:

يجب أن تتمرن على مناقشة المشكلة قبل أن تطرحها على مديرك في العمل؛ إذ يقول "مات أبراهامز" (Matt Abrahams) المحاضر في "كلية الدراسات العليا في إدارة الأعمال بجامعة "ستانفورد" (Stanford University’s Graduate School of Business)، ومؤلف كتاب "فكر بسرعة، وتحدث بذكاء: كيف تتحدث بذكاء في المواقف الصعبة" (Think Faster, Talk Smarter: How to Speak Successfully When You’re Put on the Spot): "يساعدك التدريب وتقنية تقمص الأدوار على زيادة ثقتك بنفسك؛ إذ يرتبِكُ الفرد عندما يطرح موضوعاً صعباً على أحدهم، كما أنَّه يمكن أن يفشل في إحداث التأثير المطلوب وتحقيق الغرض من المحادثة، لذا يمكنك أن تتغلب على هذه المشكلة بطريقة التدريب على طرح الموضوع وحدك وتسجيل صوتك والإصغاء إليه وتقييم طرحك، أو الحصول على تغذية راجعة من بعض الأشخاص الموثوقين لتحسين أسلوبك".

2. اختيار التوقيت والأسلوب المناسبَين لمناقشة المشكلات في العمل:

التوقيت هو العامل الحاسم في نجاح المحادثات عموماً، وهذا يعني أنَّك لن تحصل على الاستجابة المطلوبة من المدير إذا كان يمر بيوم عصيب في العمل، ولن يتقبل المدير شكواك في هذه الحالة ولن يتفهم مطالبك الحقة.

يقول "أبراهام": "توقيت الحدث وظروفه عاملان أساسيان في جميع عمليات التواصل، وبناءً عليه يجب أن تتأكد من استعداد جمهورك وجاهزيته للإصغاء والتركيز معك، ويتم ذلك بطريقة الاطلاع على جدول أعمال المدير من أجل اختيار الوقت المثالي لإجراء المحادثة، والتأكد من أنَّه قادر على تخصيص الوقت الكافي لمناقشتك والتركيز على الموضوعات التي تعتزم طرحها، ويُفضَّل أن تُطلعَ المدير على محور النقاش برسالة بريد إلكتروني أو إخباره بالموضوع بشكل شخصي حتى يكون مستعداً لإجراء المحادثة"؛ إذ لا يُنصَح بإثارة قضية شائكة قبل إعلام المدير بنية طرحها قبل موعد الاجتماع.

يضيف "جيفري أوكيف" (Jerry O’Keefe) المدير الوطني "لبرنامج مساعدة الموظفين" (Employee Assistance Program) في "تحالف كايزر برماننت" (Kaiser Permanente) أنَّه يمكنك أن تستعلم من المدير عن الصيغة المناسبة لطرح المشكلات في العمل بشكل مسبق، ولا سيما إذا كنت تعمل في بيئة تفتقر للأمان والتواصل الصريح، ويقول: "استعلم من المدير عن الصيغة المناسبة لطرح المشكلات، ومناقشة الموضوعات الحساسة، فتنجح المحادثة في تحقيق الأهداف المطلوبة عند تحسن جودة التواصل بينكما".

شاهد بالفديو: كيف تحظى بـاهتمام رئيسك فى العمل؟

3. تقديم الإثباتات والبراهين:

تنصح مدربة الأداء الذهني والمعالِجة النفسية سابقاً "ليندزي باولي" (Lindsey Paoli) بتحضير الأدلة والمعطيات التي تثبت صحة المشكلة التي تعتزم طرحها في اجتماعك مع المدير، وتقول في هذا الصدد: "يتم إجراء مفاوضات الراتب بطريقة المقارنات، كما أنَّك تحتاج إلى إبراز المعطيات التي تساعدك على إثبات فكرتك وإمكانية تطبيقها على أرض الواقع؛ إذ يصبح النقاش في هذه الحالة مبنياً على أفكار مثبتة بالدليل القاطع بعيداً عن الشكوى التي تخلف انطباعاً سلبياً لدى المدير، لذا يمكنك أن تبحث في الإنترنت عن كيفية إجراء هذه المحادثات".

يمكن أن تشمل البيانات في هذه الحالة التغذية الراجعة من أحد العملاء أو الموظفين، واستطلاعات تقييم الرضى، وتوجهات الشركة مع مرور الوقت.

إقرأ أيضاً: 10 أمور يجب عليك أن تتجنبها عند التحدث إلى مديرك

4. إعطاء الأولوية لمصالح الشركة خلال النقاش:

يشرف المدير على فِرَق الموظفين ومواقع المؤسسة، وتقع على عاتقه مسؤوليات كبيرة؛ لذلك أنت تحتاج إلى التركيز على مصالح الشركة في أثناء حديثك حتى تحظى على انتباهه واهتمامه ولا تجعل من مصالحك الشخصية محوراً للنقاش، وهذا يدلُّ على امتلاكك لروح العمل الجماعي واهتمامك بتحقيق أهداف الشركة.

تشرح "باولي" الفارق في صيغة الحوار ضمن قطاع الصحة النفسية والعمل، وتكون احتياجات الفرد وحالته النفسية محور الحديث في جلسات العلاج النفسي، ولكن يختلف الوضع "في بيئات العمل التي تتطلب من الموظف التركيز على مصالح الشركة؛ وهذا يعني أنَّك تحتاج إلى طرح الموضوع على المدير من منطلق تحقيق مصالح وأهداف الشركة" على حد تعبيرها، ولكن هذا لا يعني أن تهمِّش احتياجاتك وتعطي الأولوية لمصالح الشركة، وإنَّما يجب عليك أن تغير أسلوب طرحك.

تقول "باولي": "يمكنك على سبيل المثال أن تقول: إنَّ إجراء تدريبات الصحة النفسية بصورة منتظمة يساهم في زيادة معدلات استبقاء الموظفين في الشركة إلى جانب تعزيز ثقافتها، بدلاً من أن تطرح الموضوع على الشكل الآتي: إنَّني أعاني من الاحتراق الوظيفي وأتمنى من الإدارة أن تأخذ مطلبي بالحسبان وتنظم تدريبات دورية لدعم الصحة النفسية".

5. نقل المشكلة إلى المدير المباشر في العمل:

إياك أن تنقل المشكلة مباشرةً إلى المشرفين على مديرك، حتى لا تصل الشكوى إلى مديرك من خلال مديره وتضعه في موقف محرج وصعب يدفعه إلى التصرف بعدائية معك؛ إذ تنصح "باولي" باتباع تسلسل القيادة، أي بنقل المشكلات إلى المدير المباشر في العمل.

تقول "باولي": "يجب عليك أن تنقل المشكلة في البداية إلى مشرفك المباشر حتى لو كان يميل لتجاهل مطالب وشكاوى الموظفين أو أنَّه يتعمد التعامل معك بطريقة فظة، فمن الطبيعي أن يستاء مشرفك عندما يبلغه مديره بالمشكلة فجأة دون أن يكون لديه علم مسبق عن الموضوع، لذا عليك أن تتجنب التعرض لهذه المواقف وتداعياتها السلبية، ويمكنك أن تنقل المشكلة إلى المسؤول عن مديرك عندما لا يستجيب الأخير لمطالبك".

6. إنذار المدير بالمشكلات التي يُحتمل أن تحدث في المستقبل القريب:

يُقَال إنَّ: "درهم وقاية خير من قنطار علاج"؛ إذ تنطبق هذه المقولة على بيئات العمل في الشركات.

تقول "لورا كراندال" (Laura Crandall)، مستشارة التواصل والإدارة، والرئيسة التنفيذية لشركة "سليت كوميونيكيشن" (Slate Communication): "يُفضَّل أن تبلغ المدير بالمشكلات قبل أن تبدأ بالتأثير في سير العمل في الشركة، لذا قد تشعر بالإحراج والتوتر وعدم الراحة عندما تطرح مخاوفك على مدير لا تملك فكرة واضحة عن طريقة تعامله مع المشكلات عندما تحدث، ويحدث هذا بسبب ارتباط المشكلات مع زملائنا في العمل، وقد تكمن المشكلة في عدم التزام أحد زملائك بمواعيد التسليم، أو أنَّ مديرك لا يوضح الأهداف والنتائج المطلوبة من المشاريع والمهام، ويصبح إجراء النقاش أسهل عندما تكون منهجية التعامل مع المشكلات واضحة ومحددة".

7. وضع خطة الحل:

يُفضَّل أن تقدم لمديرك حلَّاً مدروساً وعمليَّاً للمشكلة التي تعتزم طرحها، وفيما يأتي 3 نصائح لتقديم كل من المشكلات والحلول بحسب "كراندال":

  1. اطرحْ المشكلة على المدير بشكل مباشر ومقتضب:
    • اذكر المشكلة التي تنوي مناقشتها مع المدير؛ "لدي تعليق على سلوكات زميلتي "مي" في العمل".
    • تحدَّث عن سبب أهمية هذه المشكلة بالنسبة إليك؛ "إنَّني أقدِّر الجهد الذي يبذله جميع أعضاء الفريق، ولا أعرف كيف أتعامل مع المشكلة، وأود أن أشير في البداية إلى أنَّ "مي" موظفة مجتهدة، وهذه التصرفات لا تليق بها".
    • وضِّح مطلبك من المدير؛ "هل يمكنك أن تساعدني على التعامل مع المشكلة؟".
    • اِطرح الحل المقترح؛ "أريد أن يعرف الجميع بقواعد إعداد المحتوى وكيفية التعامل مع الاستفسارات والمشكلات المتعلقة بالموضوع".
  2. اعرض عليه تقديم مزيد من المعلومات.
  3. استعلِم منه عن الوقت المناسب لتنفيذ الحل المقترح.

"عليك أن تنتظر رد فعل المدير بعد سماع المشكلة، فمن الطبيعي أن تشعر بالارتباك عند مشاركة المشكلة مع المدير؛ وإنَّ امتلاك الشجاعة اللازمة لنقاش المشكلات بشكل واضح ومباشر في حياتك المهنية يساهم في تعزيز ثقتك بنفسك وقوة شخصيتك"، وذلك على حد تعبير "كراندال".

إقرأ أيضاً: 3 عبارات سلبية لا يقولها المدير الناجح

في الختام:

إذا كنت ترغب في التميز في عملك، فعليك أن تركز على حل المشكلات بدلاً من الشكوى منها. فحل المشكلات هو مهارة مهمة يبحث عنها أصحاب العمل في جميع المجالات.




مقالات مرتبطة